العمل بنظام الورديات
منذ بدأ الخليقة البشر يسيرون على وتيرة ثابتة تحاكي النظام الكوني، اليوم 24 ساعة ما يقرب من نصفهم تسطع فيه الشمس، وتكون خلاله قمة نشاط البشر، النهار جٌعل للعمل أيًا كانت كنته، أما الليل فأوله للسمر ومنتصفه وأخره للراحة والنوم، حتى المناطق القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي لم تٌستثنى من هذا النظام رغم اختلاف مدة سطوع الشمس بها، بعد اختراع طرق الإضاءة الليلية المختلفة وعلى رأسها الكهرباء -إبان الثورة الصناعية في أوروبا- ومع تزايد نشاط الشركات متعددة الجنسيات التي تنضوي تحت مظلتها دول من مختلف المناطق الزمنية وتنامي الحاجة للرعاية الأمنية والصحية والخدمية ظهرت أهمية العمل بنظام الورديات.
[Sommaire]
تعريف نظام الورديات
نظام الورديات يقوم على كسر القالب التقليدي لساعات العمل بحيث يعمل الموظف في ورديات مرنة تغطي حاجة المؤسسة. يختلف نظام الورديات تبعًا لعوامل مثل طبيعة العمل، عدد ساعات العمل المطلوب تحقيقها، عدد الموظفين، نظام الإجازات، وقوانين العمل. هذا النظام يتيح توزيع الجهد والعمل بشكل متوازن وأكثر فعالية.
أنواع الورديات
توجد عدة أشكال شائعة للعمل بنظام الورديات، يمكن تقسيمها حسب عدة فئات، أهمها:
عدد الورديات
ورديتي عمل: يوجد نظام ورديتي العمل، بحيث لا تقل مدة الوردية الواحدة عن 8 ساعات ولا تزيد عن 12 ساعة، وتستخدم عادة في المصانع؛ ليستمر الإنتاج على مدار الساعة.
ثلاث ورديات: تكون طول الوردية من 6 إلى 8 ساعات، تكون توقيتات العمل -في الغالب- من التاسعة صباحًا وحتى الرابعة، ثم من الرابعة لمنتصف الليل، ثم من منتصف الليل حتى صباح اليوم التالي، يتم العمل به عادة في مؤسسات الرعاية الصحية، مثل: المستشفيات والمراكز الطبية.
أربع ورديات: تكون مدة الوردية 6 ساعات، ويتم العمل به في المهام الحساسة وذات الطبيعة الخاصة، مثل: أطباء الطوارئ والجراحة، خبراء المفرقعات.
وينقسم نظام ورديات العمل أيضًا على حسب
استمرارية الوردية
يمكن تقسيم العمل بنظام الورديات من خلال استمرارية الوردية الواحدة، ويمكن للموظف -إذا ما اقتضت طبيعة العمل- أن يعمل إما بنظام
الوردية المتصلة: الأسلوب التقليدي للعمل بنظام الورديات، تكون ورديتان أو أكثر، وتٌقسم حسبما ذٌكر آنفًا.
الوردية المنفصلة: تكون في العادة وردية واحدة لكنها تنقسم لفترتي عمل، 4 ساعات في كل فترة -أو أكثر-، وتكون غالبًا في أعمال المراجعات وكتابة تقارير الإنتاج وخلافه، حيث يتم خلالها توثيق إنتاجية وردية العمل بعد إنتهائها، يتم الاستعانة بهذا النظام في حال الأعمال ذات الطبيعة الخاصة الغير مستقرة، مثل: الأعمال الأمنية والسياسية وما إلى ذلك.
ثبات الوردية
يمكن تقسيم العمل بنظام الورديات حسب إذا ما كانت الوردية ثابتة طوال فترة عمل الموظف بالمؤسسة أو متغيرة حسب جدول ثابت أو حسبما تقتضي الحاجة، وبناءً عليه في هذا الصدد تنقسم إلى:
النظام الثابت: يخضع خلاله الموظف لنفس فكرة الروتين الثابت لكن تختلف المواعيد عما هو متعارف عليه في الأعمال المكتبية، وتكون إحدى الورديات في المواعيد التقليدية للعمل، وتشذ عنها باقي الورديات، وجهات قليلة من تتبع هذا النظام، وعلى رأسها تأتي الحراسات الأمنية للمساكن والمؤسسات الدينية والسيادية.
النظام المتغير: فيه تتغير وردية الموظف بصورة دورية حسب طبيعة العمل بالمؤسسة ذاتها، وينقسم هذا بدوره تبعًا لطبيعة تغيره، ويكون إما تغير سريع أو تغير بطيء.
في التغير سريع تتغير خلاله الوردية بشكل دوري في نفس أسبوع العمل، مثلًا يكون اليوم الأول للوردية الصباحية، والثاني لوردية فترة ما بعد الظهيرة، والثالث للوردية المسائية -وهكذا دواليك-، يتم اللجوء إليه في العادة في الأعمال طويلة المدى لتقليل الضغط على الموظفين.
أما في التغير بطيء ينتقل فيه الموظف كل أسبوع -أو أكثر- من الوردية الصباحية للوردية المسائية -أو العكس-، ويتم عادةً في الأعمال قصيرة إلى متوسطة المدى، ويضع ضغط عصبي ونفسي عالي على الموظف بسبب اضطرابات الأكل والنوم الناتجة عن اختلال الساعة البيولوجية المتكرر.
ومن خلال طبيعة التغير ذاتها يمكننا تقسيم نظام العمل بالورديات الى تغير إلى الأمام وتغير إلى الخلف.
التغير إلى الأمام أي الانتقال من النظام الصباحي للنظام المسائي، ويُوصى به كونه يوافق الساعة البيولوجية الطبيعية لجسم الإنسان.
التغير إلى الخلف وفيه يتم الانتقال من النظام المسائي للنظام الصباحي، ويحبذ عدم اللجوء إليه إلا في حال الضرورة القصوى؛ لأنه يخالف طبيعة الساعة البيولوجية ويؤثر بشدة على صحة الموظف الجسدية والنفسية.
من خلال هذه التقسيمات المتعددة يمكن لكل مؤسسة تحديد عدد الورديات، استمرارية الوردية -من عدمها-، ثبات نظام العمل بالورديات -من عدمه- حسب ما تقتضيه إمكانيات الموظفين، وحاجة المؤسسة المرحلية وطويلة الأمد، من هنا يمكننا استخلاص..
أهمية العمل بنظام الورديات
العمل بنظام الورديات أصبح أمر ضروري مع تطور عملية الصناعة، كما أن له أهمية قصوى سواء للأفراد أو المؤسسات أو نظام التجارة العالمي، ومنها:
- توفير فرص عمل أكبر للشباب من الجنسين.
- زيادة إنتاج المؤسسة ومن ثم ربحيتها.
- سهولة التواصل بين الأفرع المختلفة لنفس المؤسسة -لم تعد فروق التوقيت عائق-.
- إنعاش لحركة الصناعة والتجارة العالمية على مدار الساعة.
- توفير الأعمال الخدمية على مدار الساعة وبالتالي زيادة رفاهية الفرد.
لهذا أصبح نظام مٌعتمد ومقدر في أغلب ثقافات العمل بالعالم.
مزايا العمل بنظام الورديات
مزايا العمل بنظام الورديات لا تقتصر على مؤسسات العمل أو الأفراد المعنيين بالخدمات المقدمة بل تشمل الموظفين أنفسهم، وأهم المزايا:
- تجنب الازدحامات المرورية في ساعات الذروة.
- إتاحة وقت أكبر للعائلة خلال أيام الإسبوع -في حال العمل بالوردية الليلية-.
- التقليل من روتين العمل بسبب إتباع جدول غير ثابت للعمل -في حال عدم ثبات الوردية-.
- إتاحة الفرصة للفرد لزيادة مستوى دخله من خلال العمل في وظيفتين أو أكثر بورديات مختلفة.
- سهولة تنسيق الورديات بين العمال والموظفين فيما بينهم؛ طبقًا لتفضيلات ومتطلبات كلًا منهم.
لهذا يحبذ الكثير من العمال والموظفين العمل بنظام الورديات، إلا أنه لا يخلو من التحديات كذلك حاله حال أي نظام عمل أخر.
تحديات نظام الورديات
أغلب تحديات العمل بنظام الورديات صحية ونفسية، وعلى رأسها:
اضطراب الساعة البيولوجية للموظف: في حال الورديات الليلية خاصة إذا ما كانت بصورة مستمرة، وكانت تخالف طبيعة حياة الموظف الشخصية خارج العمل نفسه، ما يسبب له خلل في الأكل والنوم وحالة إجهاد مزمن واضطرابات نفسية، مثل: القلق والاكتئاب.
ضعف الإنتاج: الورديات المسائية -في المعتاد- تكون إنتاجيتها أضعف من مثيلتها النهارية؛ طبقًا للدراسات البحثية المتخصصة، مما يؤثر على ربحية المؤسسة.
زيادة معدل المخاطر: الورديات الليلية تزيد بها نسبة حوادث العمل -وفقًا للتقارير الاستقصائية- كما يرتفع معدل حوادث الطرق سواء للموظفين الذاهبين لمباشرة أعمالهم، أو السائقين العاملين بقطاع النقل، مما يؤدي لزيادة تكاليف الرعاية الصحية والتأمينية لهم.
نحو نظام ورديات أفضل
يمكن اتباع عدة طرق للتحسين من العمل بنظام الورديات، وعلى رأسها:
- مراعات طبيعة الموظفين وقدراتهم الصحية والنفسية والجسمانية.
- ألا تزيد عدد ساعات العمل عن 60 ساعة إسبوعيًا بأي حال من الأحوال.
- التحقق من توفير الرعاية الصحية والنفسية لهم طوال فترة العمل.
- اللجوء إلى التغيير السريع للورديات إذا لم تحول طبيعة العمل ضد ذلك.
الخلاصة العمل بنظام الورديات حيوي وفعال لكن لابد من أن يتم بوعي وحكمة حتى يؤتي ثماره بأقل أضرار ممكنة للفرد والمؤسسة.
اكتشف مقالات مشابهة
تعرف على نظام الورديات كحل فريد لادارة الإنتاجية وتعزيزها !
هل أنت مستعد لتسهيل عمليات الموارد البشرية
و تكنلوجيا المعلومات داخل شركتك ؟