واحد من أهم حقوق العمال هو الحصول على رواتبهم كاملة غير منقوصة إلا بوجه وحق ومبرر واضح وحتى لا تلتبس مسألة الخصم من الراتب ولا تتسبب بأي مشكلات يصعب حلها بين العامل ومن يوظفه وضح قانون العمل السعودي بنصوص قانونية ثابتة الحالات التي يسمح فيها بتطبيق عقوبة خصم الراتب الذي يتقاضاه العمال ووضع أيضاً عقوبات لمن يتجاوز الحالات والمبررات القانونية ويخصم راتب موظفيه بدون وجه حق. هذا المقال مخصص للحديث عن الخصم من الراتب في نظام العمل السعودي والحالات المبرر فيها بصورة مفصلة ووفقاً للأصول والنصوص القانونية.
[Sommaire]
مبررات الخصم من الراتب في نظام العمل السعودي
سنجيب أولا على السؤال الأكثر أهمية في المقال وهو المبررات القانونية التي تسمح للمؤسسة أو صاحب العمل أن يحسم من راتب الموظف في السعودية استناداً إلى النص القانوني وهي كما يلي:
- حسم أقساط القروض التي حصل عليها الموظف من مؤسسته لكن يجب أن يكون الاتفاق الموقع أصلاً للحصول على هذا القرض ينص على عدم تجاوز الدفعات ما يزيد عن ١٠٪ من راتب العامل شهريا.
- حسم اشتراك التأمين الاجتماعي أو أي اشتراك آخر وافق عليه العامل بكامل إرادته.
- حسم أجور اشتراك العامل مع صندوق الادخار السعودي وأي دفعات قروض يستحقها الصندوق.
- الخصم بسبب المخالفات التي ترتكب من العامل كالتغيب والتأخير غير المرر وإتلاف ممتلكات المؤسسة.
- المزايا التي يقدمها صاحب العمل للعمال كأقساط بناء المساكن الخاصة لهم وما إلى ذلك.
- الخصم من الراتب لاستيفاء طرف ثالث دين من الموظف تنفيذا لحكم قضائي صادر بالمسألة وفي هذه الحالة لا يخصم ما يزيد عن ربع راتب الموظف الاصلي.
جدير بالذكر أنه وفي جميع الحالات السابقة لا يجب أن تتجاوز نسبة الخصم نصف راتب الموظف ما لم يصدر حكم قانوني خاص يبرر ذلك.
الخصم من الراتب دون مبرر
كما أسلفنا فإن الخصم من الراتب يأتي على وجهين أولهما الخصم المبرر وثانيهما الخصم غير المبرر والحالة الثانية تشمل أي خصم غير مستند لنص قانوني واضح أو أي خصم يستند لمبرر قانوني صحيح لكن العامل لم يرتكب المخالفة الواردة فيه. يحق للعامل بحسب قانون العمل السعودي أن يرفع شكوى قانونية في حال تعرض إلى خصم من راتبه أو تأخر صاحب العمل عن تسليمه الراتب عن الموعد المتفق عليه وتقدم هذه الشكوى إلى المحاكم العمالية والتي تتحقق بدورها من دقة ما يدعيه العامل من خصم غير مبرر لراتبه وفي حال ثبوت ذلك الخصم تلزم المحاكم العمالية المختصة صاحب العمل أن يدفع للعامل أجوره كاملة غير منقوصة ويحق لها اتخاذ تدابير أو إصدار أحكام أخرى في حال تكرر الدعوة. من هنا تظهر أهمية الاطلاع على النصوص القانونية وفهمها وتطبيقها من قبل العامل ومرؤوسه حتى يحصل كل منهم على حقوقه ويقوم بما عليه من واجبات.
خصم الغياب من الراتب
كما تحدثتا آنفا التغيب عن العمل وفي حال لم يقدم مبرر وعذر غياب واضح يقبله صاحب العمل يجيز لصاحب العمل أن يوقع عقوبة خصم الراتب على الموظف لكن وفقاً لأحكام القانون أيضاً. خصم الغياب من الراتب لا يجب أن يتجاوز أجرة عدد الأيام التي تغيب فيها الموظف فمثلاً في حال تغيب يوم بدون عذر يخصم منه أجر يوم وفي حال غاب يومين يحسم منه أجر يومين وهكذا ولا يحق لصاحب العمل أن يحسم من الراتب ما يزيد عن قيمة ما يتقاضاه العامل في اليوم عن كل يوم غياب وهكذا. الخصم من الراتب في حالة الغياب لا يشمل خصم قيمة الراتب الاساسي فقط بل يشمل أيضا حسم قيمة أي بدلات يحصل عليها العامل عن ذلك اليوم وفي حال قدم العامل عذر غياب مقنع ومعترف فيه بالمؤسسة التي يعمل بها فلا يحق للمؤسسة على الطرف الآخر أن تحسم سواء من راتبه الأساسي أو مما يتقاضى من بدلات.
طريقة خصم التأخير من الراتب
لا يتم الخصم من الراتب بسبب الغياب فقط بل يمكن أن يخصم أيضاً من الراتب بسبب التأخير وهنا لا نقصد عدم المجيء إلى مكان العمل في الوقت المحدد بل نقصد أيضاً مغادرة العمل قبل انتهاء موعده أي أن التأخير يشير إلى عدم الالتزام بعدد ساعات العمل المقررة. يختلف الخصم بسبب التأخير عن الخصم بسب الغياب فهو لا يتم بصورة فورية ولا يتم على سبيل المثال الخصم من الراتب بالساعة بل يتم احتساب خصم التأخير بالتقريب إلى اليوم أي في حال أصبح عدد ساعات التأخير سبع ساعات خلال الشهر تعامل هذه السبع ساعات معاملة غياب يوم واحد ويحسم من راتب الموظف أجر يوم واحد تبعا لذلك. إذا الحد الذي يخصم فيه بسبب التأخير هو سبع ساعات وبمجرد أن يصبح عدد ساعات التأخير سبعة يتم خصم أجرة يوم من الراتب الذي يلي وهكذا. جدير بالذكر أن عدد ساعات التأخير ترحل من شهر إلى آخر لكن يتم اسقاط الساعات في نهاية العام ما لم تبلغ السبع ساعات ولا يتم تطبيق أي خصم في هذه الحالة. أيضا كالخصم بسبب الغياب يجب أن يكون التأخير بدون عذر حتى يستوجب العقوبة ففي حال تقديم عذر مقنع يوضح سبب التأخير وتقبله المؤسسة لا يخصم من الموظف ولا يحتسب تأخره في عدد الساعات ولا يترتب عليه أي عقوبة.
ما هو خصم التأمينات من الراتب
عندما نتحدث عن الخصم من الراتب غالباً يكون أول ما يخطر لنا هو الحسم كعقوبة أو كبدل غياب أو تأخير وما إلى ذلك لكن هناك أسباب أخرى للخصم من الراتب لا يشترط فيها أن يرتكب الموظف أي مخالفة حتى تقتطع ومنها خصم التأمينات الاجتماعية وهو خصم من راتب الموظف يستند إلى نظام التأمينات السعودي والغاية منه هي تقديم الرعاية للموظف بعد تقاعده او في حال اضطر إلى ترك عمله سواء بسبب تعرضه للعجز لأي سبب كان.
خصم التأمينات هو خصم ثابت ويقتطع بصورة تلقائية من رواتب الموظفين ونسبته تصل إلى ٢٢٪ موزعة ما بين ما يخصم من راتب الموظف بصورة مباشرة وما يخصم من مؤسسته أو من تطبيق ساند ونظام التأمينات الاجتماعية اجباري سواء في القطاع الحكومي أو الخاص ويشمل السعوديين والمقيمين وفقاً لأحكام خاصة.
التعويض عن الخصم من الراتب
في حال قدم العامل شكوى في المحاكم العمالية المعتمدة وفق الأصول وتم النظر في شكوته وقررت المحكمة المختصة أحقيته في الحصول على راتبه غير منقوص وثبوت الاقتطاع غير المبرر يتم مطالبة المؤسسة أو صاحب العمل آن ذاك بدفع راتب الموظف وأيضاً يحكن عليها بدفع غرامة مالية تقدرها المحكمة بحيث لا تتجاوز ضعفي قيمة الحسم من الراتب. هذه العقوبات منطقية تماماً فهي تدرع أصحاب العمل عن خصم أجور موظفيهم دون حق بالتالي تقلل المشكلات المترتبة على هذا الفعل وتحل الكثير من الخلافات التي يمكن أن تعكر صفو بيئة العمل قبل أن تقع حتى.