بيئة العمل يجب أن تكون بيئة فعالة وعملية وتشجع على الإبداع حتى تكون مخرجاتها مخرجات ذات جودة عالية وتجمع بين الإبداع والابتكار والإتقان في بوتقة واحدة. أجريت خلال العقود الماضية العديد من الأبحاث والدراسات العالمية التي تركز على تطوير بيئة العمل وركزت هذه الدراسات تحديدا على وضع معايير تفصل بصورة واضحة بين بيئة العمل الجيدة وبيئة العمل غير الجيدة بحيث تصبح الشركات قادرة على تطوير استراتيجيات واضحة وتبني طرق فعالة لتنمي بيئة العمل وتزيد من إنتاجية موظفيها.
في هذا المقال سوف نركز الحديث عن واحدة من أهم الاستراتيجيات التي تتبعها أكبر شركات العالم لتطوير بيئة العمل وهي استراتيجية الكوتشينغ حيث سنجيب بشكل مفصل على كافة الأسئلة التي قد تطرحها حول هذه الإستراتيجية ونتحدث أيضا عن أهميتها والهدف منها.
[Sommaire]
ما هو كوتشينغ مكان العمل؟
التدريب والتوجيه في مكان العمل (Coaching in the workplace) أو كوتشيغ في مكان العمل، جميعها مصطلحات تشير إلى عملية تهدف إلى تعزيز أداء الموظفين وتطوير قدراتهم من خلال تقديم المشورة والتوجيه والدعم من قبل مدرب متخصص وبحسب استراتيجيات مدروسة.
يُعد التدريب والتوجيه في مكان العمل أداة قوية تساهم في تعزيز وزيادة إنتاجية الفرد والفريق على حد سواء وعلى الرغم من انتشار هذه الاستراتيجية بشكل أساسي في الدول الغربية وخاصة في الشركات الكبرى والعالمية كشركة أمازون على سبيل المثال إلا أنها بدأت تنتشر على نطاق أوسع خاصة مع ثبوت فعاليتها وانتشار عدة تقارير تفيد بنتائج وانعكاسات رائعة لهذه الاستراتيجية.
تقوم عملية الكوتشينغ في مكان العمل عادةً على يد مدرب مؤهل يعمل مع الموظفين لمساعدتهم في تحديد الأهداف وتطوير خطة عمل شخصية وجماعية وتنفيذ هذه الخطة بشكل يجمع بين الكفاءة والدقة. يهدف المدرب إلى مساعدة الموظفين في تحقيق أقصى إمكاناتهم وتحسين أدائهم في العمل ما ينعكس على أداء الشركة بشكل عام.
أهداف الكوتشينغ مكان العمل
أهداف الكوتشينغ في مكان العمل تتنوع وتعتمد على احتياجات المؤسسة والموظفين بصورة أساسية فلا تلجأ جميع الشركات لاستراتيجية الكوتشينغ واضعة نفس الأهداف والنتائج المحتملة، ومع ذلك يمكن أن نذكر بعض الأهداف الشائعة التي يسعى الكوتش لتحقيقها في مكان العمل على النحو التالي:
تعزيز الأداء: يهدف الكوتشينغ إلى تحسين أداء الموظفين وتعزيز مستوى إنتاجيتهم. يتم هذا من خلال تحديد المهارات والقدرات التي يحتاجها الموظف وتوفير التوجيه والدعم اللازم حتى يوظف هذه المهارات على أفضل وجه.
تطوير المهارات والقدرات: يهدف الكوتش إلى مساعدة الموظفين على تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم في مجالات معينة منها على سبيل المثال تنمية مهارات القيادة، وتطوير مهارات الاتصال، وتحسين مهارة حل المشكلات والبحث عن الحلول الإبداعية وغيرها.
تحقيق الأهداف المهنية: يساعد الكوتش الموظفين على تحديد أهدافهم المهنية ووضع استراتيجيات لتحقيقها. يعمل المدرب مع الموظفين على تحديد الخطوات اللازمة وتوفير الدعم والتوجيه للوصول إلى تلك الأهداف.
تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية: يساعد الكوتشينغ الموظفين على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل وحياتهم الشخصية. يمكن للكوتش مساعدة الموظفين في تحديد الأولويات وتطوير استراتيجيات لإدارة الوقت وتحقيق التوازن وبالتالي يعزز هذا من شعور الولاء لدى الموظفين اتجاه عملهم.
تطوير مهارات التواصل: يهدف الكوتش إلى تعزيز مهارات التواصل الفعال بين الموظفين، سواء داخل الفريق أو مع العملاء والزبائن. يعمل المدرب على تحسين قدرة الموظفين على التعبير بوضوح والاستماع بفهم وبناء علاقات عملية تخدم الأهداف الوظيفية
تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات: يعمل الكوتش مع الموظفين على تعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات فعالة ومناسبة في بيئة العمل. يتضمن ذلك تحسين مهارات التحليل والتقييم والتفكير الاستراتيجي والتي يعوزها العديد من الموظفين خاصة اولئك الذين لا يحتلون مواقع قيادية.
تطوير مهارات القيادة والإلهام: لا يكتفي الكوتشينغ بتوجيه الموظفين فقط، بل يساعد المدراء والقادة في تطوير مهارات القيادة العامة والإشراف الفعال بحيث يساعدهم في إلهام الفريق وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف.
تطوير الابتكار والإبداع: يعمل الكوتش على تعزيز قدرة الموظفين على التفكير الإبداعي وتوليد الأفكار الجديدة. يساعد المدرب على تشجيع الابتكار وتطوير بيئة عمل تدعم الإبداع والتفكير خارج الصندوق.
تحسين التنظيم وإدارة الوقت: يعمل الكوتش على تحسين مهارات التنظيم الشخصي وإدارة الوقت للموظفين. يتم توفير الإرشاد والاستراتيجيات لتحقيق التنظيم الفعال والتحكم في الأولويات وزيادة الإنتاجية.
تحقيق التوازن بين التطوير الشخصي والمهني: يساعد الكوتش الموظفين على تحقيق التوازن بين تطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية. يعمل المدرب على تحديد الأهداف وتوفير الدعم للموظفين في تحقيق التوازن بين تطلعاتهم الشخصية واحتياجات العمل.
أهمية الكوتشينغ مكان العمل
تتمثل أهمية الكوتشينغ في مكان العمل بأنه يعمل على تعزيز أداء الموظفين وتطوير قدراتهم، وبالتالي تحقيق فوائد عديدة للمؤسسة بشكل عام. هذه مجموعة من النقاط التي توضح أهمية الكوتشينغ في مكان العمل بصورة أفضل:
تحسين الأداء الفردي والجماعي: يساعد الكوتش الموظفين على تحقيق أقصى إمكاناتهم وتطوير مهاراتهم وهذا يسهم في تعزيز الإنتاجية الفردية وبالتالي كنتيجة لذلك تعزيز الإنتاجية الجماعية.
التشجيع على التعلم المستمر: يشجع الكوتش الموظفين على مواصلة التعلم والتطوير المهني حيث يتم تحفيزهم لاكتساب المهارات الجديدة والاستفادة من الفرص التعليمية المتاحة، مما يعزز الابتكار ويحافظ على روح التجديد في المؤسسة.
تحقيق التوازن والرضا في العمل: يعمل الكوتش على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية للموظفين وذلك من خلال تطوير استراتيجيات إدارة الوقت وتحقيق التوازن الصحي، يمكن تحسين رضا الموظفين ورفع معنوياتهم بتكلفة بسيطة ونتائج مميزة.
تعزيز التفكير الاستراتيجي والابتكار: يساعد الكوتش في تعزيز التفكير الاستراتيجي والقدرة على ابتكار الحلول في مكان العمل. يتم توفير الدعم للموظفين في تطوير رؤية استراتيجية وتوليد أفكار جديدة لتحسين الاداء وتحقيق النجاح المستدام.
مسؤوليات كوتش مكان العمل
يأخذ الكوتش على عاتقه العديد من المهام التي تسهم في زيادة الإنتاجية وتعزيز الأداء ومن أهم المسؤوليات التي يقوم بها كوتش مكان العمل ما يلي:
التوجيه والاستشارة: يعمل الكوتش كمستشار وموجه للموظفين، ويقدم لهم النصح والدعم للتغلب على التحديات وتحقيق الأهداف المهنية والشخصية.
توفير التقييم والتغذية الراجعة: يقدم الكوتش تقييماً شاملاً لأداء الموظفين ويقدم لهم تغذية راجعة بناءة ما يساعدهم في تحديد نقاط القوة والمجالات التي يمكن تحسينها، ويوجههم نحو تحقيق التطوير المستمر.
تعزيز المهارات والقدرات: يعمل الكوتش على تطوير مهارات الموظفين وزيادة قدراتهم في مجالات مثل الاتصال، وإدارة الوقت، وحل المشكلات، والقيادة حيث يقدم التدريب والتوجيه اللازم لتعزيز مهاراتهم بما يتفق مع أحدث المعايير والدراسات العالمية.
المساعدة في اتخاذ القرارات: يساعد الكوتش الموظفين في تحسين قدرتهم على اتخاذ القرارات الصائبة والاستراتيجية التي تصب في مصلحة المؤسسة العامة.
متابعة وتقييم التقدم: يتابع مدرب الكوتش تقدم الموظفين في تحقيق الأهداف ويقيم النتائج المحققة ويقوم أيضا بتحليل التغيرات وتحديث الخطط والاستراتيجيات بناء على هذا.
جدير بالذكر أن مسؤوليات الكوتش تتفاوت حسب احتياجات المؤسسة وأهدافها المحددة وبناء على ذلك يجب أن يتم اختيار الكوتش المناسب والمؤهل لتقديم الدعم والتوجيه المناسب للموظفين في مكان العمل.
استراتيجيات الكوتش في مكان العمل
يمكن أن يتبع الكوتش عدة استراتيجيات فعالة في مكان العمل تساعده على الوصول إلى الأهداف والنتائج المأمولة ومن أهم هذه الاستراتيجيات ما يلي:
- بناء خطط فردية تناسب كل موظف على حدى وعدم اتباع خطة عامة قد لا تلائم جميع أركان المؤسسة.
- الحرص على اتباع مهارات التواصل الفعال مع الموظفين وضرورة الحرص على الاصغاء بقدر الحرص على التوجيه.
- التواصل مع إدارة المؤسسة واطلاعها على النتائج بصورة دورية.
- الصبر والاستمرارية والحرص على عدم تعجل النتائج فنتائج الكوتشينغ تحتاج إلى الوقت قبل أن تظهر بصورة نهائية.
في الختام، يمكن القول إن التدريب الوظيفي أو "الكوتشينغ في مكان العمل" هو عملية تهدف إلى تطوير القدرات والمهارات لدى الموظفين في بيئة العمل. يهدف الكوتشينغ إلى تعزيز الأداء والتحفيز وتعزيز النمو الشخصي والمهني للأفراد.